الشاعر المرحوم
زامل سعيد فتاح
ديوان شعري صغير، طبع بإمكانات بسيطة، حتى يخيل للقارئ أنه قديم، قدم الفرح العراقي الذي
أصبح ذكرى أو حكاية يحكيها الكبار لأحفادهم كالسندباد وألف ليلة وليلة
.
هذاالديوان الصغير المتواضع ، البسيط في كل ما يحتوي، الورق، الطباعة، الغلاف والكلمات، خرجت منه أجمل الأغاني العراقية في فترتها الذهبية ( السبعينيات )، ترىهل سبق هذا الديوان، ديوان آخر منح ساحة الغناء العراقي أكثر من خمسة عشرة أغنية ؟.
أصبح ذكرى أو حكاية يحكيها الكبار لأحفادهم كالسندباد وألف ليلة وليلة
.
هذاالديوان الصغير المتواضع ، البسيط في كل ما يحتوي، الورق، الطباعة، الغلاف والكلمات، خرجت منه أجمل الأغاني العراقية في فترتها الذهبية ( السبعينيات )، ترىهل سبق هذا الديوان، ديوان آخر منح ساحة الغناء العراقي أكثر من خمسة عشرة أغنية ؟.
" المكَيَّر " وحسب ماهو معروف باللهجة العراقية هو الشارع المعبد بالأسفلت ( القير – أو الجير ) ولكن " مكَيَّر " الشاعر زامل سعيد فتاح هي زقورة أور في الناصرية، وهي من آثار السومريين، وزقورة أور تبعد عن مركز مدينة الناصرية قرابةخمسة عشر كيلومتراً، والطريق الأسفلتي المؤدي إلى الزقورة يمر بمحطة قطار الناصرية،لذا ظنَّ البعض أن " المكيَّر " هو محطة القطار نفسها، وهذا إشكال ولد بولادةالقصيدة التي تحمل إسم الديوان " المكَيَّر "، خصوصاً بعد أن أصبحت أغنية شهيرةعرفها الجمهور العراقي بصوت المطرب ياس خضر بعد أن أسندها له الملحن الراحل كمال السيد عام 1969، لتكون هذه الأغنية بمثابة الباب الكبير الذي دخله المطرب ياس خضرإلى عام الأغنية العراقية والشهرة فيما بعد.
مشيت وياه للمكَيَّر أودعنه
مشيت وكل كتر مني
إنهدم بالحسرة والونه
وعلى الرملة …
وبضوة الكَمرة
يناشدني وأنشدنه
طبع ديوان " المكَيَّر " عام 1971، في مطبعة الجامعة ببغداد على حساب " منشورات دار أحياء التراث العربي " وتحملت " مكتبة المنار – بغداد " مهام توزيعه، والديوان يحتوي على خمسة وثلاثين قصيدة، جاء في مئة وأربع عشرة صفحة من الحجم الصغير، وأهمية هذا الديوان هو أنه منحمن بين وريقاته أغاني عراقية مهمة لا زال العراقيون يتذكروها ويتغنون بها، وهذا مانود أن نتناوله في مقالنا هذا، فبالإضافة إلى أغنية " المكَيَّر " نجد بين صفحات هذا الديوان أغنية عرفها العراقيون بصوت المطرب قحطان العطار، هي أغنية " شكَول اعليك " التي لحنها الملحن محسن فرحان، ثم نجد أيضاً أغنية " هذا آنه " التي لحنهاوغناها الملحن طالب القره غولي، وهي الأغنية الأكثر شهرة من بين قصائد الديوان إذااستثنينا منه قصيدة " المكَيَّر "
هذا آنه .. وهذاك إنت
وتظل بضنوني ذاك إنت
هذا آنه ويمر طيفك، وشوف أماني لو شفتك
عرفتك جوري لو فوَّح
عرفتك طير من يصدح
ومن حبك غناي آنه تعلمته .. وهذاك إنتَ
قدم الكاتب عادل سعد ديوان " المكَيَّر "، ومن خلال مقدمته راح يظهر أهميةالشعر الشعبي العراقي من خلال تلاحمه مع الواقع اليومي المعاش ووقع كلمات هوموسيقاها داخل الروح العراقية، وفي النهاية قال: " إن شعر زامل سعيد فتاح، هو نزوح مسالم في بقاع الذاكرة، يفشي أسرار الغصون والإنتظار، ويتقد بالملوحة الطازحة. ولهذا … لهذا ينبغي أن نغنيه ".
ولد الشاعر زامل سعيد فتاح في مدينة الشطرةالتابعة لمحافظة الناصرية، هذه المحافظة التي أغنت الساحة الفنية العراقية، بأهم الأسماء التي عرفها العراقيون عن قرب، فلها في الشعر زامل سعيد فتاح وعريان السيد خلف وكاظم الركابي وجبار الغزي، صاحب الأغنية الشهيرة " إيقولون غني بفرح " التيلحنها الملحن محسن فرحان، وسمعها العراقيون بصوت المطرب قحطان العطار، ولمدينةالناصرية ملحنوها الكبار مثل الملحن الراحل كمال السيد والملحن طالب القره غولي،وتكاد مدينة الناصرية أن تكون الرافد الحقيقي والمهم لضخ أجمل الأصوات العراقية إلىساحة الغناء، فمنها خرج حضيري أبو عزيز وداخل حسن وناصر حكيم وجبار ونيسة وحسين نعمة وستار جبار وعلي جودة والقائمة تطول. في هذه المدينة وبين ثناياها ترعرعالشاعر زامل سعيد فتاح وفيها أكمل دراسته حتى أصبح معلماً للدراسة الإبتدائية فيها. بعد فترة من الزمن وعند تعرفه على الملحن طالب القره غولي إنتقل زامل إلى بغداد بتشجيع من صديقه القره غولي الذي سبقه إلى ذلك حيث كان قد عُين معلماً في إحدىمدارس قضاء المحمودية أحد أقضية العاصمة عام 1970. كان لإنتقال الشاعر زامل سعيدفتاح إلى العاصمة بغداد أثره الكبير، حيث أخذت معالم حياته تتغير بشكل واضح وسريع،فلقد تعرف على كبار الفنانين ودخل الوسط الفني الغنائي من أوسع أبوابه، وفيها تزوج ليستقر حتى يومه الأخير. وفي بغداد أصدر الشاعر زامل سعيد فتاح ديوان " المكَيَّر "، وبالعودة إلى هذا الديوان نجد أن الملحن طالب القره غولي قد أخذ حصة الأسد فيتلحين أغلب قصائده، فبالإضافة إلى أغنية " هذا آنه " لحن طالب القره غولي أغنيتهالشهيرة " جذاب " التي انتشرت بين البيوتات العراقية بشكل غريب، ويمكن أن يقال إنما من مطرب عراقي عرفه الجمهور إلا وتغنى بهذه الأغنية،
جذاب دولبني الوكت بمحبتك
جذاب روحي تمرمرت من عشرتك
جذاب … وتريد أرد إنوب إلك
لا ما أرد وأنسى المضى
ويبدو أن الشاعر زامل سعيد فتاح قد غيَّركلمات القصيدة بشكل كبير كي تخرج إلى مسامع الجمهور في صورتها الجميلة والسلسة التي عرفناها. ولطالب القره غولي أغنية أخرى في هذا الديوان هي أغنية – قصيدة – " يا ليل " هذه الأغنية التي غناها لأول مرة المطرب السوري جميل قطشة الذي كان يقيم في العراق، ليغنيها ويتألق بها بعد ذلك المطرب ياس خضر، والتي حركت مشاعر مثقفين العراق قبل عاشقاته،
حيل اسحن بروحي سحن
ماكولن احاه واون
يا ليل صدق ما أطخلك راس
وأشكيلك حزن.
قدم الشاعر زامل سعيد فتاح في ديوانه البسيط هذا، أجمل صور العشق العراقية، فقصائده المتنوعةبحكاياتها وبنائها الشعري قد تكون السر في أن يكون هذا الديوان رافداً مهماً منروافد الأغنية العراقية، وما زلنا نتحدث عن القصائد التي لحنها طالب القره غولي،يجدر بنا أن نذكر أغنية " فرد عود " التي سحرنا بها صوت المطرب حسين نعمة. القصيدةمكونة من مقطعين شعريين، يحتوي كل مقطع منها على صورة شعرية ذات دلالة لم تعرفهاالأغنية العراقية من قبل – فترة الستينيات – ( سَيَّر علينه الهوى / وجَفَّل بقاياالشوق … وكلمة هلا ومرحبا / بس إلحبيبي اتلوك ) هذه الصورة الشعرية التي أرادشاعرها أن يفصح عن عشق سكن داخل الروح العاشقة منذ سنين طويلة، ولكنه سرعان ما تحركوطفحت معالمه عند قدوم الحبيب. أما الصورة الشعرية الثانية فقد حولت صورة النخلةالعراقية إلى عاشقة تذرف الدموع عسلاً.
والليلة فتّح طفل
يا روحي عشق الراح
دمع التبرزل عسل
وعثوكَه ما تنلاح.
عندما سمع الجمهور العراقي هذه الأغنية لأول مرة بصوت المطرب حسين نعمة، عرف وبشكل لا يحتمل اللبس بأن هذا المطرب هو من يمتلك بين ثنايا صوته أجمل قرار غنائي من بين أصوات المطربين العراقيين. للمطرب حسين نعمة حصة لا يستهان بها من ديوان " المكَيَّر " فلقد أخذ منه أشهر المواويل التي غناها وسميت باسمه مثل ( يا عيني عليمن اربيّه … ولا جيه بعد منهم … ولا كَعدات كَمرية … )، حيث غنى هذا الموال على نغم العجم. وعلىنغم الرست له كذلك موال من قصيدة " ديس العنز " الذي أخذ شهرة كبيرة والذي يقولفيه:
روحي ..؟
طريِّه وتشتهي
صوباط عنبك عالي
ردناك يا ديس العنز
وأمك تسوم بغالي.
أما القصيدة الثالثة والتي أخذ منها المطرب حسين مقطعاً ليغنيه موال على نغم الرست أيضاً، هي قصيدة " قداح "، حيث تقول الأبيات الثلاثة الأولى ( قداح .. والقداح يذبل من تريد اتجيسه / وخد الترف يكثر ****ه ويرتوي بالبوسه / يا بوسة العريس ليلة زفته بعروسه )، هكذايفصح لنا ديوان الشاعر زامل سعيد فتاح " المكَيَّر " عن قصائد أصبحت تحف غنائيةغالية الثمن بسيطة التناول عصية على النسيان، ولم يكتفِ هذا الديوان الصغير بذلك،بل راح يشكو عشقه الجميل إلى كل من عرف فرحة العشق، بصوت ومن بين أوتار الملحن طالبالقره غولي في قصيدة " شكوى " التي عرفها المستمع العراقي بصوت المطرب رضا الخياط من خلال كلماتها الدافئة:
تكبر فرحتي بعيني
وأشوف الدنيه بعيونك
ويمر بخاطري وضني
أمل وردي من أشوفنك.
وهذه الأغنية هي أولأغنية يغنيها داود القيسي قبل أن يتحول إلى غناء الأغاني والأناشيد التي كانت تهدف إلى خدمة الفكر البعثي وجنرالاته. انتشرت هذه الأغنية بصوت رضا الخياط وطالب القرهغولي بشكل ملفت للنظر، حيث دخلت كل البيوتات العراقية بعدما سكنت قلوب العاشقين،على الرغم من إنها بقيت حبيسة الكاسيتات ولم تصور إلى التلفزيون.
وهنا نصلإلى قصيدة " نسينه يا هوى "، هذه القصيدة التي أصبحت أغنية عراقية دافئة عندماسمعتها الأذن العراقية بصوت المطرب فؤاد سالم، هذه الأغنية خرجت بجملها الموسيقيةالجميلة والمتقنة من بين أوتار الفنان الملحن ياسين الراوي، ( نسينه يا هوى انسينه … وتبعنه قلوبنا وحبينه / وعلى شاطي المحبَّة اسنين … ودروب الهوى امشينه )، ولاتزال هذه الأغنية ساكنة أذهان العراقيين، حيث يطلب الجمهور سماعها في كل مرة يكون فيها المطرب فؤاد سالم في حفلة من حفلات منفاه.
أما قصيدة الغلاف ( اختارمصمم الغلاف قصيدة " يا غريب الدار " من بين قصائد الديوان لتكون الوجه الحقيقي والمعبر عن ما يحتويه. – للأسف لم يذكر اسم المصمم على صفحات الديوان ) فلقد أهداهاالشاعر زامل سعيد فتاح إلى صديقه حيدر الجاسم الذي كان يقيم في إيطاليا، وهي قصيدةتشكو البعد والغربة، وهي صورة شعرية وأحاسيس لحالة إنسانية لم يكن العراقيون قداعتادوا عليها بعد،
يا غريب الدار من دار الأهل
هاك بوسة شوق معتزبيها
من نواعير الغفت حدر النخل
من ثنايا الهور، من برديها
هاك بوسة لعينك الحلوه كحل
شوف بيها أحبابك وناغيها.
خرجت هذه الأغنية من بين أوتار ملحن ترك أثره الواضح في تاريخ الأغنية العراقية، إنها للملحن الراحل كمال السيد، هذا الملحن الذي لحن لأغلب المطربين العراقيين، فما منمطرب عراقي عرفه الجمهور وسمعه باحترام إلا وكان للسيد حصة فيه، أما هذه الأغنية " يا غريب الدار " فلها طعمها الخاص، كونها خرجت إلى المستمع العراقي بصوت مطرب صداحاحترمه الجمهور العراقي بشكل مميز إنه المطرب قحطان العطار، صاحب أغاني الفرح الذي أتعبته الغربة وبلاد المنافي.
في الأشهر الأخيرة من عام 1983 توفي الشاعرزامل سعيد فتاح أثر حادث سير غامض كثرت عنه الأقاويل والشبهات، ففي إحدى لياليبغداد الشتوية خرج زامل سعيد فتاح من مبنى إتحاد الأدباء وكان بمعية المخرج نبيلإبراهيم الذي كان يقود السيارة التي سرعان ما اصطدمت بسيارة أخرى، ليكون هذاالشاعر، شاعر " المكَيَّر " الضحية الوحيدة في هذا الحادث.
الشاعر المرحوم زامل سعيد فتاح(رحمه الله)
الإثنين أكتوبر 01, 2018 4:17 pm من طرف أسير الحب
» شعر
الإثنين أكتوبر 01, 2018 4:15 pm من طرف أسير الحب
» والدي الحبيب
الجمعة أبريل 08, 2016 12:44 am من طرف اوف يا حظنك حبيبي بلاء
» ابوذيات للحلوين
الجمعة أبريل 08, 2016 12:41 am من طرف اوف يا حظنك حبيبي بلاء
» دارمي يموت
الأحد مارس 13, 2016 2:19 pm من طرف احمد اعناج
» ترحيب
الأربعاء يناير 20, 2016 4:16 am من طرف جاسم
» ابو ذية
الجمعة ديسمبر 11, 2015 2:01 am من طرف ظافر الظافر
» فضل قراءة قل هو الله احد في ايام رجب
الأحد نوفمبر 29, 2015 9:02 pm من طرف الملکة
» بمناسبت قرب عيد رمضان المبارك
الجمعة يوليو 17, 2015 3:34 am من طرف ابوسيف العويسي
» انه بدونك طفل
الإثنين مايو 25, 2015 7:02 am من طرف شاعرة الحنين
» ابتسم
الأحد مايو 17, 2015 4:11 am من طرف كاظم موسى قسام
» غضل قراءة قل هو الله احد في ايام رجي
الأحد مايو 17, 2015 4:00 am من طرف كاظم موسى قسام
» شجرة دارمي كوم
الأربعاء مايو 13, 2015 6:31 pm من طرف abbaslife1
» دارمي وقصته الحزينه..
الأربعاء مارس 04, 2015 11:10 am من طرف احمد اعناج
» عضو جديد
السبت ديسمبر 27, 2014 11:55 pm من طرف الكفاري