[center][b][b][size=25][center]تراث الموصل
[size=21]لقدالتفت كثير من الأدباء والكتّاب في العالم إلى الأدب الشعبي (الفولكلور)
وسجّلوه قبل قرون عدة، كما ورد في كتب الجاحظ وأدب الشطّار وأدب الصعاليك
والفكاهات والنوادر والظُرف، ابتداء من العقد الفريد لابن عبد ربُّه وحتى
المستظرف في كلِّ فنّ مستطرف للأبشيهي، والديارات للشابشتي، ناهيك عن
القصص والحكايات الشعبية مثل حكاية الشاطر علي الزيبق وسيرة عنترة بن شداد
وألف ليلة وليلة.
لكنّ
هذه السلسلةَ انقطعت في العصر الحديث وبعد احتكاكنا بالأدب الأوربي. وفي
العالمِ العربي يؤكد الكتاب حقيقة تتعلق بكون العلماء العرب كانوا أسبق
إلى تسطير مادة هذا العلم التي كانت بيئاتهم مهداً لها، وإذا كانت عودة
المحدثين العرب إلى هذا الميدان جاءت متأثرة بنشاط العلماء الغربيين في
(الفولكلور)، فإنّ هذا التأثر لا يلغي الأصالةَ قدر ما يؤكّدها.
إن
التراث الشعبي (الفولكلورَ) علم متجدد ومتطور ومتواصل مع بقاء الإنسان،
وكلّما مضى جيل يخلفه جيل جديد يرث مخلفات الجيل السابق ومأثوراته الشفاهية
والمادية. لكن الملاحظ أنّ الكثير من جيل الشباب يستنكر هذه المخلفات
ويعدّها نوعاً من الأمور التي لا تنفع، وهذا الشعور نفسه كنّا نحن نمرّ فيه
أيام شبابنا وقبل أن تتبلور أفكارنا وتعصرنا الحياة بما فيها من حلو ومر.
ولذلك
فإنّ هؤلاء الشباب لن يتفاعلوا مع ما يطرح من دراسات ونشرات عن التراث
الشعبي (الفولكلور) ما لم يصلوا سنّ البلوغ، وعند ذلك ستمرّ بهم الذكريات
نفسها عن أيام صباهم ومراتع لعبهم ولهوهم، وما كان في دورهم من مأثورات
مادية، وعادات وتقاليد شعبية.
إنّ
من أجمل ما في التراث الشعبي (الفولكلور) ما يذكر كهلاً بأيام صباه
وملاعبه يوم كان طفلاً يركض مع أقرانه في أزقة محلّته، فإذا بمحلّته وما
فيها من بيوت و(كوشكات) قد زالت بالمرّة، فلم يعد يجد سرداباً ولا
(زنبوراً) في سرداب. واختفت إلى غيرِ رجعة تلك المعالم الخلابة من قناطر
يتفيأ تحتها المتعبون من الحر القائظ، على الرغم من أنهم يتحاشون المرور
منها ليلاً إذ تنقلب عليهم خوفاً ورعباً.
وساهم نخبة من أدباء الموصل وباحثيها
في رفد المكتبة الموصلية والعراقية بمؤلفات تراثية قيمة، وشارك عدد منهم
في نشر المقالات في مجلة التراث الشعبي في بغداد. ولعلّ المؤرخ المرحوم
سعيد الديوه جي كان أول من نبّه المجتمع الموصلي إلى نفائس تراثه، وكان أول
من خاض هذا الميدان الصعب في وقت كان يعدّ البعض أن الكتابة فيه نوع من
السفاسف والتقاليد البائدة التي لا ترقى إلى النشر في الكتب. وأصبحت
مؤلفاته الرصينة من المراجع التاريخية الهامة، ولقيت مقالاته هوى ومحبة في
قلوب الموصليين. ومع هذا لم يعترف لدينا في العراق لحد الآن بمادة التراث
الشعبي كعلم اجتماعي يدرس مثله مثل العلوم الأخرى كما في بلدان كثيرة من
العالم، إذ ما زال كتابه يلاقون الإهمال والتهميش على الرغم من الإقبال
الكبير الذي تحظى به كتبهم ومؤلفاتهم وبحوثهم. بينما نجدهم في دول العالم
الأخرى يلاقون الاهتمام الكبير والتكريم وقد تصور الكثير من أعمالهم في
السينما والتلفزيون فضلاً عن النشر في الكتب والمجلات والجرائد.
وفي
الإمكان جذب الاهتمام لموضوعات التراث الشعبي (الفولكلور) عن طريق إقامة
المعارض التراثية المتقنة، ومعارض الصور التراثية الفوتغرافية القديمة،
وعرض الأفلام والمسلسلات التراثية في التلفاز، على أن يجري إخراجها على نحو
متكامل، وإلاّ فإنها ستؤدي إلى عكس ما نبغي، ولنا في عدد من المسلسلات
التراثية التي قدّمها التلفزيون السوري خير مثال على جودة العمل واكتماله.
فقد أُنجز المسلسل السوري (ليالي الصالحية) على نحو متميز، إذ صوّر لنا
المجتمع الدمشقي في محلة مهمة قديمة خير تصوير، ودخل البيت القديم ليصوّر
لنا أسس بنائه والأثاث والأدوات القديمة المستعملة فيه، والأحاديث اليومية
باللهجة العامية التي تدور بين ساكنيه من النساء والرجال والأطفال. كما
أبرز العادات والتقاليد السورية التي تشابه التقاليد العربية الأصيلة في
البلاد العربية في كثير من مفرداتها، ومنها الحفاظ على الأمانة، والتكاتف
والتعاون بين أفراد المحلّة والمدينة في السرّاء والضرّاء، ودورة الحياة في
الولادة والختان والزواج والوفاة … الخ. وكان هذا المسلسل موضع إعجاب
الكبار والصغار على حد سواء، وما يقال عنه يقال عن المسلسل الآخر
(الخوالي).
لقد
اتّسمت حياة الموصليين بتقاليد عريقة ارتبطت أغلبها بطبيعة الموروثات
الشعبية، ولو عدنا إلى تراثنا الموصلي فإننا نجده غنياً بالكثير من الآثار
والموروثات الشعبية التي نحن بحاجة إلى تسجيلها وتصويرها وتحويلها في
المستقبل إلى كتب وأفلام ومسلسلات رصينة. إنّ العديد من ذكريات آبائنا
وأجدادنا طواها النسيان لولا دأب عدد من الأدباء الموصليين الكرام على
جمعها وتسجيلها في الكتب والجرائد والبحوث، في مقدمتهم الأستاذ سعيد الديوه
جي، والسادة أحمد الصوفي، وعبد الخالق الدباغ، ومحمد رؤوف الغلامي، وعبد
المنعم الغلامي، وحازم البكري، وأنور عبد العزيز، وعبد الجبار محمد جرجيس،
وعبد الباري عبد الرزاق النجم، ومثري العاني، وواثق الغضنفري وكاتب
المقال وآخرين.
ولكي
نبرهن على تواصل وتجدد هذا التراث (الفولكلور) وتطوّره لابد أن نتذكّر
بعضاً من صور الماضي القريب لمدينتنا عندما كان أجدادنا في العشرينات من
القرن الماضي وما قبلها يسافرون في (الأكلاك) إلى بغداد، ويعودون بالقوافل
(الكروان) وعلى ظهور الجمال والبغال وفي (التختروان) و(العرباتِ القوج).
وكان (الكلاّكون) يقودون هذه (الأكلاك) مع عمالهم من (الطراريح)، ويقود
(الكروانجية) أو (القاطرجية) القوافل البرية مع عمالهم من (العكّامة)
و(السيّاس). وبعد ظهور السيارات (الطرمبيل) والقطارات في الثلاثينيات، بدأت
تلك الوسائط والمهن القديمة بالانقراض تدريجياً. فقد طغى التطور على هذه
المهن التراثية الشعبية القديمة، وظهرت مهن جديدة مثل السائق (الشوفير)
ومساعده (السكن) في السيارة، وسائق القطار ومفتش التذاكر (التيتي _tt ) في
القطار.
كما تطورت أساليب السكن للإنسان عمّا كانت عليه قبل قرن من الزمان، فأصبح البيت الشرقي القليل المساحة من تراث الماضي،
وحلّ بدلاً عنه البيت الغربي الواسع. وتغيرت طرز البناء فلم يعد السقف
المقبب (العقدة) يصلح مع البناء الجديد، واختفى (الإيوان) و(اليازلغ)
و(الرهرة) و(السرداب) و(الحوش) المبلط بالرخام الأسمر (الحلاّن). وظهرت
السقوف الكاذبة والزخرفة المغربية والإكساء بالمرمر الأجنبي والملون
والرخام الأسمر. وتركت مأثورات البيت القديم المادية من (أنجانة) و(مزملة)
و(جاون) و(كوارة) و(مجرشة) في مكانها، في حين استصحبت (الصندلية)
و(الصندقجة) والمرايا القديمة والثريات الملونة و(الشمعدانات)
و(الكلبدانات) و(مواعين الفرفوري) لتصبح تحفاً في البيوت الجديدة.
وبعد
فالتراث الشعبي الموصلي هو الزخارف الإسلامية والخطوط البارزة على أبواب
ومحاريب ومآذن الجامع الكبير وجامع المصفي، وهو التنزيلات الموصلية للملا
عثمان الموصلي في (قاوان) الدكتور محمد صديق الجليلي، وهو نغم الجورجينا
الذي يدندن به أحمد (الكفغ) في مقهى (عبّو أقديح)، وهو رائحة أرض السطح
و(ستاراته) في البيوت الموصلية العتيقة، وهو رائحة (الدهن الحر) و(الرز
المولاني) التي تنبعث من (غويزين) البيوت في أزقة (باب عغاق) و(الثلمي)،
وهو صوت (بائع السعد) و(خياط الفرفوري) و(بياض المويعين) وهي تعلو في (باب
لكش)، وهو صوت المطارق التي سكتت في (سوق الصفيغين)، وهو صوت القباقيب
التي اختفت مع (حمام العطارين)، وأصوات الدلالين والوزانين التي اندثرت في
(خان الكمرك) و(خان الجفت)، وهو صوت الأطفال يهزجون عند إطلاق مدفع رمضان
الذي استبدل بمدفع المحتلّ، وهو الربيع الأخضر في (أرض البقج)
و(بسطوطات)، وهو الماء الشافي في عين كبريت وحمام العليل، وهو القلعة
الصامدة الباشا حسين الجليلي في (باشطابيا
تحياتي
[/size][/b][/b][/center]
الإثنين أكتوبر 01, 2018 4:17 pm من طرف أسير الحب
» شعر
الإثنين أكتوبر 01, 2018 4:15 pm من طرف أسير الحب
» والدي الحبيب
الجمعة أبريل 08, 2016 12:44 am من طرف اوف يا حظنك حبيبي بلاء
» ابوذيات للحلوين
الجمعة أبريل 08, 2016 12:41 am من طرف اوف يا حظنك حبيبي بلاء
» دارمي يموت
الأحد مارس 13, 2016 2:19 pm من طرف احمد اعناج
» ترحيب
الأربعاء يناير 20, 2016 4:16 am من طرف جاسم
» ابو ذية
الجمعة ديسمبر 11, 2015 2:01 am من طرف ظافر الظافر
» فضل قراءة قل هو الله احد في ايام رجب
الأحد نوفمبر 29, 2015 9:02 pm من طرف الملکة
» بمناسبت قرب عيد رمضان المبارك
الجمعة يوليو 17, 2015 3:34 am من طرف ابوسيف العويسي
» انه بدونك طفل
الإثنين مايو 25, 2015 7:02 am من طرف شاعرة الحنين
» ابتسم
الأحد مايو 17, 2015 4:11 am من طرف كاظم موسى قسام
» غضل قراءة قل هو الله احد في ايام رجي
الأحد مايو 17, 2015 4:00 am من طرف كاظم موسى قسام
» شجرة دارمي كوم
الأربعاء مايو 13, 2015 6:31 pm من طرف abbaslife1
» دارمي وقصته الحزينه..
الأربعاء مارس 04, 2015 11:10 am من طرف احمد اعناج
» عضو جديد
السبت ديسمبر 27, 2014 11:55 pm من طرف الكفاري